فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد: فإنه مما لا يخفى عليكم جمعياً أن ما عليه المسلمون اليوم من واقع الأمر السيئ في هذا العصر الذي نعيشه هو بلا شك أسوأ ما أصاب المسلمين في كل عصورهم المتأخرة مما لا يحتاج أحد إلى أن يوصف له؛ لأنه يحياه ويعايشه، فكلنا يعلم انتشار أنواع الفسق والفجور في العالم الإسلامي وقليل ممن لا يزالون يعتصمون بكلمة الحق وباتباع الكتاب والسنة، أما الأكثرون فكما قال رب العالمين:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الأعراف: ١٨٧] وكما قال في الآية الأخرى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف: ١٠٦].
فواقع الأمة اليوم مما تحدث عنه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قبل أن نرى ما رأينا، بل وقبل أن يرى ما رآه أجدادنا من قبل من الفرقة والتحزب والتفرق في الدين خلافاً لقول رب العالمين:{وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم: ٣١ - ٣٢]، وكما قال رب العالمين في الآية الأخرى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣].
وقد بَيَّن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هذه السبل في الحديث الصحيح الذي صَوَّر تفرُّق المسلمين وخروجاً من الكثيرين منهم عن الخط المستقيم فيما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: «خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يوماً خَطًّا على الأرض مستقيماً، ثم خط حوله خطوطاً قصيرة، ثم تلا قوله تبارك وتعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣]،