للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال عليه السلام وقد مر بأصبعه الشريفة على الخط المستقيم: هذا صراط الله، وأشار إلى الخطوط القصيرة التي على جانبي الطريق بقوله عليه الصلاة والسلام: هذه طرق وعلى كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه».

فقد بَيَّن - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث أن الطريق الموصل إلى الله عز وجل إنما هو طريق واحد وليس كما يقول بعض الصوفية، أو على الأقل بعض المتصوفة، قالوا أو زعموا: إن الطرق الموصلة إلى الله عز وجل هي بعدد أنفاس الخلائق، هذا كانوا يقولونه قديماً، أما اليوم فقد تعددت الطرق إلى تعدد الجماعات والأحزاب: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: ٥٣] مع أن هؤلاء المسلمين اليوم جميعاً يعلمون قول الله عز وجل: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: ٣١ - ٣٢]، ويعلمون أيضاً قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: ما هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة» هذه هي الرواية المشهورة والصحيحة، والرواية الأخرى وهي مفسِّرة للأولى، قال: «هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي» فقوله عليه الصلاة والسلام في هذه الرواية الثانية وهي رواية حسنة كما بينت ذلك في بعض كتبي، فقوله عليه السلام: «ما أنا عليه وأصحابي» يحدد منهج الفرقة الواحدة والطائفة المنصورة الناجية وهي التي تأخذ بما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.

وهنا نكتة لا بد لي من ذكرها بمناسبة قوله عليه السلام: «وأصحابي» لأنه من الواضح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لو اقتصر على قوله ما أنا عليه لكان جوابه وافياً كافياً،

<<  <  ج: ص:  >  >>