للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنه لحكمة بالغة زاد على ذلك وعطف فقال: «وأصحابي» والحكمة هي أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كانوا جميعاً على هدى من ربهم؛ لأنهم تلقوا الوحي النازل على قلب نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم - غضاً طرياً كما أنزله الله عز وجل قبل أن يتسلط على مفاهيمه وعلى دلالاته العجمة أو الهوى الذي ران على قلوب بعض الذين جاءوا من بعد السلف الصالح من الآراء والأفكار المباينة والمخالفة لما كان عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.

لهذا ذكرهم وعطفهم على ما كان عليه - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لأنه يعلم علم اليقين أن أصحابه سيكون له متبعين تمام الاتباع، وكذلك أثنى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على القرون الذين يأتون من بعد أصحابه - صلى الله عليه وآله وسلم - ومجموع تلك القرون هي كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح، بل الحديث المتواتر في نقدي وفي علمي وتتبعي ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «خير الناس قرني» وبعض الناس يروونه بلفظ: «خير القرون قرني» فأرى من الواجب عليَّ أن أُذَكِّر والذكرى تنفع المؤمنين أن لفظ الحديث الصحيح: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» فهؤلاء القرون الثلاثة هم الذين شهد لهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالخيرية وهم المقصودون بالآية الكريمة وهي قول الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥].

فقوله تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] منه اقتبس نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - قوله سابقاً: «وأصحابي» فالنكتة في هذا الحديث كالنكتة في هذه الآية الكريمة، وفي ذلك دلالة واضحة على أن المسلمين جميعاً في هذه العصور المتأخرة أنه لا يجوز لهم أن يخالفوا سبيل المؤمنين .. سبيل المؤمنين الأولين؛ لأنهم كانوا على هدى من ربهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>