ثم بين في آخره عليه الصلاة والسلام الدواء فقال:«لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم» وهذا الدواء هو العلاج الوحيد للمسلمين إذا أرادوا أن يعود إليهم عزهم ومجدهم وأن يمكن الله لهم في الأرض كما مكن للذين من قبلهم، فقال عليه الصلاة والسلام:«بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والمجد والتمكين في الأرض، ومن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب».
إذاً: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث:«حتى ترجعوا إلى دينكم» يفسح لي المجال للدخول في الإجابة عما جاء في آخر السؤال وهو: ما هو سبيل النهوض بهذه الأمة التي أصابها من الذل والهوان ما لم يصب الأمة من قبل هذا الزمان؟ فنقول: إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما وصف الدواء في هذا الحديث بالرجوع إلى الدين إنما انطلق من مثل قوله عز وجل:{إن الله لا يُغَيِّر ما بقوم حتى يُغَيِّروا ما بأنفسهم* وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ}[الرعد: ١٠ - ١١] وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الأنفال: ٥٣] فما هو السبب الذي غير الله فينا نعمة القوة والعزة والتمكين في الأرض الذي كان عليه المسلمون من قبل؟ ذلك لأننا غيرنا نعمة الله عز وجل وبدلنا فأخذنا بأسباب الدنيا وتركنا الجهاد في سبيل الله عز وجل كنتيجة شرعية وكونية أن المسلم إذا لم ينصر الله عز وجل لم ينصره الله كما هو صريح قوله تبارك وتعالى:{إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}[محمد: ٧].
هنا لا بد لي من وقفة: إذا كان الله عز وجل قد جعل على لسان نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - العلاج لهذا المرض العضال الذي أصاب المسلمين في أرضهم الإسلامية كلها مع الأسف الشديد إنما هو الرجوع إلى دينهم، والدين كما تعلمون إنما هو الإسلام وقد قال رب الأنام: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي