للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥] .. {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

ويعجبني بمناسبة هذه الآية ما ذكره الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم «الاعتصام»، ذكر عن الإمام مالك أنه قال: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - خان الرسالة وحاشاه، ثم قال: اقرءوا قول الله تبارك وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: ٣] قال رحمه الله: ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً.

كنا نستدل بهذا الأثر الثابت عن الإمام مالك إمام دار الهجرة أنه لا يجوز للمسلم أن يحدث في الإسلام بدعة مهما كانت يسيرة وفي الأخلاق أو العبادات وليست في العقائد .. كنا نحتج بهذا الأثر اعتماداً على هذه الآية الكريمة أن الله عز وجل أتم النعمة علينا بإتمام ديننا، ألا وهو الإسلام.

فما بالنا اليوم وقد أصبحنا بعيدين عن الإسلام ليس فقط فيما يتعلق بما يسمى بالسنن التي تخالفها البدع، بل أصبحنا بعيدين كل البعد عن الإسلام ليس في هذه الجزئيات أو في هذه الأمور التي يسميها بعضهم بأنها من الأمور الثانوية والتي ليست بجوهرية وإنما أصبحنا بعيدين عن الإسلام الذي ارتضاه الله لنا ديناً حتى في قضائنا ... حتى في أفكارنا وعقائدنا، فإذا أردنا فعلاً وجادين مخلصين أن نتعاطى هذا العلاج الذي وصفه ربنا عز وجل على لسان نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو أن نرجع إلى الدين، فبأي مفهوم نفهم هذا الدين؟

هناك أولاً مفهومان معروفان لدى كثير من العلماء الذين يعرفون الخلاف بين علماء السلف وبين علماء الخلف، هناك مذهبان:

<<  <  ج: ص:  >  >>