مذهب ينتمي إلى السلف، ومذهب ينتمي إلى الخلف، ومذهب السلف، يقول أولئك الذين ينتمون إلى مذهب الخلف .. يقولون عن مذهب السلف بأنه أسلم، لكنهم يقولون بأن مذهب الخلف أعلم وأحكم، فيا ترى! هل نعود في عقائدنا أولاً إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، أم نعود إلى مذهب هؤلاء الخلف الذين يُصَرِّحون بأن مذهب السلف أسلم ولكن مذهب الخلف أحكم وأعلم؟
لا شك أنه يتبين من النصوص التي ذكرناها أن واجبنا نحن في هذا الزمن الذي أحيط بنا من كل جانب أن نعود أولاً في العقائد إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، ثم نعود فيما دون ذلك من العقائد، وأعني بذلك: الأحكام والأخلاق والسلوك، لا بد أيضاً في كل ذلك أن نرجع إلى ما كان عليه سلفنا الصالح الذي كان لا يرضى له بديلاً عن الاعتماد على الكتاب والسنة حينما يقع تنازع ما بين بعض أفراد الأمة كما قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥].
اليوم مع الأسف الشديد لا نجد هذه الجماعات وهذه الأحزاب تتفق معنا على تعاطي هذا الدواء الذي لا علاج للمسلمين في الرجوع إلى عزهم ومجدهم الغابر إلا بالرجوع إلى دينهم، هذه النقطة أن الدواء هو الرجوع إلى دين الإسلام نقطة لا خلاف فيها بين كل مسلم مهما كان اتجاهه ومهما كان تحزبه وتكتله، ولكن الخلاف مع الأسف الشديد هو في فهم هذا الدين، فهناك كما ذكرنا مذهبان: مذهب السلف ومذهب الخلف، السلف ما كانوا يختلفون في الأصول .. ما كانوا يختلفون أولاً في أن المرجع عند التنازع إنما هو كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهم كانوا يتحاكمون إلى هذين المصدرين ويُسَلِّمون لهما