الذين ينادون بكلمة الحق هذه وهو الحكم بما أنزل الله أن عليهم ألا ينسوا أنفسهم كما قال الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة: ١٠٥] فلذلك على أفراد المسلمين أن يفهموا الإسلام فهماً صحيحاً ثم أن يطبِّقوه تطبيقاً كاملاً في حدود استطاعتهم على أنفسهم وعلى من لهم ولاية عليهم من رعاياهم كما قال عليه الصلاة والسلام: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية وهي مسؤولة عن رعيتها» إلى هذا المعنى من التربية للنفس يشير إليه بعض الدعاة الإسلاميين بالكلمة التي تروى عنه ألا وهي قوله: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم، في هذه الكلمة التي تعجبنا كثيراً ولكن لا يعجبني الذين ينتمون إلى قائل هذه الكلمة حيث أنهم لا يعنون بها ولا يهتمون بتطبيقها؛ لأن ذلك يُكَلِّفهم أمراً يتطلب جهداً جهيداً ألا وهو الرجوع إلى فهم الإسلام على الوجه الصحيح الذي سبق بيانه آنفاً اعتماداً على كتاب الله، وعلى حديث رسول الله، وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح.
فأقول: العودة إلى هذا الدين الذي هو الدواء لما أصاب المسلمين اليوم يتطلب أمرين اثنين، طالما أُكَنِّي عنهما: بالتصفية والتربية، وأعني بالتصفية: أن يقوم علماء المسلمين الذي يتبنون هذا المنهج الصحيح من فهم الإسلام على ما كان عليه سلفنا الصالح، أن يقوم كل منهم بتصفية هذا الإسلام مما دخل فيه مما هو بريء منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب كما يقال في بعض الأمثال، وأن يدعو الناس إليه سواء ما كان متعلقاً بالعقيدة أو بالأحكام التي اختلف فيها كثيراً، أو في الأخلاق وفي السلوك، لا بد من تصفية الإسلام في كل ما يتعلق بهذا الإسلام الذي أتمه الله عز وجل علينا كما سبق في الآية وأؤكد ذلك بالحديث الصحيح وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله ويبعدكم عن النار إلا