للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحكم الذي ذكره في القرآن الكريم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] وبهذه المناسبة: لا بد لي من التذكير بأن هذه الآية الكريمة حينما تذكر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] يتوهم بعض الناس ممن لا علم عندهم بالسُّنة، أو لا يقيمون وزناً للسنة يظنون أن الحفظ الذي ضمنه الله عز وجل في هذه الآية إنما هو خاص بالقرآن الكريم.

فأقول: نعم ربنا عز وجل ذكر الذكر في الآية فهو قد حفظ القرآن بحروفه ولكنه حفظ معانيه بسنة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ ولذلك فلا يمكن تحقيق هذا التصفية للسنة إلا من طريق علماء الحديث، وبالتالي لا يمكن فهم القرآن إلا بطريق هذه السنة المصفاة وإلا وقع المسلمون فيما وقعت فيه الفرق الخارجة عن الفرقة الناجية؛ وذلك بأن القرآن كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: أن القرآن حَمَّال وجوه، أي: يتحمل عدة معان؛ ولذلك قال ربنا عز وجل: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] وأنزلنا إليك الذكر يا محمد لتبين للناس بسنتك ما نزل إليهم من القرآن الكريم.

ففي هذه الآية ما يشير إلى أن فيها ما هو مبَيَّن، وما هو مبَيِّن فالمبيَّن هو القرآن المنزل المَكْنِي عنه بالذكر، والمبيِّن هو رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المخاطب بهذه الآية؛ ولذلك فلا سبيل إلى فهم القرآن إلا بالسنة والسنة الصحيحة.

ولذلك حَذَّر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أمرين اثنين ليتحقق هذا البيان تحققاً صحيحاً:

الأمر الأول: حذر أمته من أن يقولوا عليه ما لم يقل، ففي الحديث المتواتر عنه: «من كَذَبَ عَليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» وفي لفظ آخر: «من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» هذا هو الأمر الأول، حذر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمته من أن يتقولوا عليه شيئاً حتى تبقى السنة كما تلفظ بها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو كما فعلها أو

<<  <  ج: ص:  >  >>