الثانية: الاحتيال على ما هو معلوم تحريمه من السنة كبيع العينة باسم أنه بيع وهذا مثال، والأمثلة كثيرة جداً، فهناك حتى اليوم كما نذكر في هذه المناسبة من يفتي بإباحة «نكاح التحليل» الذي قال فيه الرسول عليه السلام: «لعن الله المحلل والمحلل له». وحجتهم في ذلك التمسك في الظاهر بأن هذه المطلقة ثلاثاً رضيت بهذا الرجل الذي يريد أن يحللها لزوجها الأول، رضيت بدلاً زوجاً، وكذلك ولي الأمر وكلهم متواطئون على أن هذا الزواج إنما قصد به استحلال ما حرم الله ومخالفة قوله تبارك وتعالى:{الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}، {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره}.
فجاؤوا بمن سماه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بالتيس المستعار، وسموه زوجاً؛ وهو ليس بزوج لأنه لا يتزوجها ليحصِّن نفسه بها وتُحَصِّن نفسها به وإنما لتحليل ما حرم الله من أن هذه المرأة لا يجوز لها أن تعود لمُطَلِّقها ثلاثاً حتى تتزوج زوجاً على الطريقة الشرعية نفسها التي تزوجها بها الزوج الأول. وقد أشار إلى ذلك ربنا في قوله تعالى:{وجعل منها زوجها ليسكن إليها}، {وجعل بينكم مودة ورحمة} فهو يتزوجها ولا يسكن إليها ولا تسكن إليه وإنما يقضي معها تلك الليلة وينزو عليها كما ينزو التيس على العنزة فإذا أصبح الصباح أخلى سبيلها لأنه لم يتزوجها لهذه الغاية الشريفة، وإنما استحلالاً لما حرم الله عز وجل.
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تبايعتم بالعينة» ذكره كمثال لما قد يقع فيه المسلمون من استحلال ما حرم الله والاحتيال عليه وليس هكذا صراحة، كما يستحل المسلمون اليوم الربا، ويحتال له بعض المسلمين فتكون مصيبتهم مصيبتين: