لذلك: فالأساس الذي ينبغي أن تقوم فيه الحياة الإسلامية السعيدة في هذا الزمن ليس إلا هو إلا الرجوع إلى الكتاب وإلى السنة، غير أن هذا يحتاج إلى شيء من التفصيل لكثرة الجماعات أو الأحزاب الإسلامية الموجودة الآن في الساحة؛ لأن كل جماعة تدعي لنفسها أنها هي التي وضعت المنهج الذي به يمكنهم أن يحققوا المجتمع الإسلامي والحكم بالإسلام، فكلهم يدعي كما قيل قديمًا:
وكلهم يدعي وصلًا بليلى ... وليلى لا تقر لهم بذاك
ونحن نعلم من كتاب الله ومن حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن السبيل الذي به يمكن تحقيق السعادة في الدنيا ثم السعادة في الآخرة إنما هو سبيل واحد، فلا بد من تحديد هذا السبيل ليسلك عليه من كان حقًا يبتغي العمل لصالح الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية، هذا السبيل هو ما ذكره الله تبارك وتعالى في غير ما آية في القرآن الكريم، فربنا عز وجل يقول:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣] فالطريق التي تؤدي إلى ما ينشده كل مسلم اليوم، ولكن الجماهير ما يعرفونه إنما هو السبيل الذي أشير إليه في هذه الآية الكريمة.
ولقد أوضح النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا السبيل المذكور في الآية الكريمة بمثل رائع جدًا رسمه لأصحابه على الأرض التي كان من عادته أن يجلس عليها دون أي عظمة أو كبرياء، فقد خط لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يومًا خطًا مستقيمًا على الأرض، ثم خط على جانبيه خطوطًا قصيرًة، ثم قرأ عليه الصلاة والسلام وهو يمر بإصبعه الشريفة على الخط المستقيم الآية السابقة:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ}[الأنعام: ١٥٣] ثم أشار إلى الخطوط التي على جانبي الخط المستقيم