للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوله بتمام الآية الكريمة: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣].

فاعتقادي أن الطريق هو واحد كما ينشده كل جماعة أو فرد من هذه الأمة من السعادة لها في الدنيا والآخرة فلا يوجد هناك إلا هذا السبيل، وبخاصة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أتم بيان خطورة الحيدة عن الطريق المستقيم في قوله في تمام الحديث السابق، حيث قال: «هذا صراط الله، وهذه طرق، وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه» الدعاة إذًا كثيرون، ولكن الداعية الحق إنما هو الذي يدعو الناس أن يسيروا على ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، وما اتبعه أصحابه ثم من جاءوا من بعدهم بإحسان.

وقد أكد ربنا عز وجل في آية أخرى في القرآن الكريم ما ذكر في الآية السابقة مع شرح الرسول عليه السلام لها للحديث المذكور آنفًا، فقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥].

فإذًا: السبيل دائمًا يذكر في القرآن مفردًا وليس هناك سبل تتبع، ولو أن السالكين على هذه السبل والسائرين على تلك الطرق كانت مقاصدهم ونواياهم حسنًة، وإن افترض فيهم ذلك فهم لن يصلوا إلى بغيتهم ما دام أنهم لم يسلكوا الطريق الوحيد المستقيم الذي يؤدي بهم إلى مقصدهم المشروع، ولقد جاء في الحديث الصحيح الذي تتفق عليه كل الجماعات والأحزاب الإسلامية، ولكنهم يختلفون في تطبيقه سلوكًا، أعني به قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>