للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك وحيًا من الله مباشرًة منه تعالى إليه، كان اقتباسًا من الآية التي كان الله عز وجل أوحى بها إليه حين قال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] ما هي النكتة، وما هي الحكمة في ذكر الله عز وجل في هذه الآية سبيل المؤمنين، وفي عطف الرسول عليه السلام أصحابه على نفسه في الحديث السابق؟

الجواب: أن هؤلاء الصحابة الكرام كما أشرنا سابقًا هم الذين تلقوا الوحيين من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مبينًا منه لهم مباشرًة دون واسطة كما هو شأن من جاء من بعدهم، ولا شك أن الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام في حديث معروف: «الشاهد يرى ما لا يرى الغائب» ولذلك كان إيمان الصحابة الأولين أقوى من إيمان من جاء من بعدهم، وقد أشار عليه السلام إلى ذلك بقوله في الحديث الصحيح بل المتواتر: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» وعلى ذلك فلا يستطيع مسلم أن يستقل بفهم الكتاب والسنة بشخصه، بل لا بد أن يستعين على فهمهما بالرجوع إلى الأصحاب الكرام الذين تلقوا ذلك عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مفسرًا مبينًا تارًة بقوله عليه السلام وتارًة بفعله وتارًة بتقريره.

ولعلكم تعلمون جميعًا أن السنة تنقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة: قول، وفعل، وتقرير، فإذا ما صرف صارف ما نظره عن هذه السنة وأراد أن يستقل بفهم القرآن مقتصرًا على ذلك باللغة العربية فسوف لا يستطيع أن يصل إلى فهم مراد الله تبارك وتعالى من آياته، وأكبر دليل على ذلك أن هناك بعض الآيات يتردد فيها لفظ معين، كاليد مثلًا في آية التيمم، واليد في آية حد السارق ونحو ذلك، فتجد الآية تفسر على ضوء ما جاء في السنة، فلا يجوز حينئذٍ أن يستقل إنسان ما لفهم الآية دون أن يستعين على ذلك بسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بأقسامها الثلاثة التي ذكرتها آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>