الآية نص صريح أن بيان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هو شيء زائد عن القرآن، وأن القرآن مبين ببيانه عليه السلام، فالمبيَن شيء والمبيِن شيء آخر .. شيء زائد عليه، وإن كان لا يخرج عن أنه مستقى من مشكاة واحدة، كما جاء النص يصرح بذلك، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يقول: هذا كتاب الله فما وجدنا فيه حلالًا حللناه، وما وجدنا فيه حرامًا حرمناه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه» في حديث آخر: «ألا إنما حرم رسول الله مثل ما حرم الله» ... بأن الله عز وجل كما صرح بالآية السابقة أنزل القرآن على قلب النبي عليه السلام وكلفه أن يبينه للناس، هذا البيان هو السنة.
لكن هنا شيء آخر أشارت إليه تلك الرواية السابقة حينما سئل النبي عليه السلام عن الفرقة الناجية، فقال:«هي التي على ما أنا عليه وأصحابي» فأصحاب الرسول عليه السلام ذكروا في هذا الحديث لهذه النكتة التي سبق ذكرها في قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: ١١٥].
فنحن نقول: في هذه الآية حكمة بالغة، كالحديث السابق: وأصحابي، فذكر في الحديث عطفًا على سنته عليه السلام ... أصحابه الكرام، كذلك هنا في الآية الكريمة عطف سبيل المؤمنين على ما جاء به الرسول، فقال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] لم يقل رب العالمين: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا .. وإنما أدخل جملة عطفها على ما قبلها فقال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] كأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما قال: أنا وأصحابي، كان إن لم يكن