أصحابه، لم يكن ذلك إلا لحكمة بالغة، وهي: أنه يجب الرجوع إلى فهم الكتاب والسنة على ما كان عليه سلفنا الأول الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
على هذا: يأتي هنا شيء هام جدًا يغفل عنه كثير من الجماعات الإسلامية أو الأحزاب الإسلامية القائمة اليوم على وجه الأرض، ألا وهو: ما هو السبيل إلى معرفة ما كان عليه الرسول عليه السلام من قول أو فعل أو تقرير، ثم معرفة ما كان عليه أصحابه من فهم وتطبيق لهذه السنة؟ لا سبيل إلى ذلك إلا بالرجوع إلى علم يعرف عند العلماء قاطبةً بعلم الحديث، علم مصطلح الحديث، وعلم الجرح والتعديل، له قواعده وله اصطلاحاته بها يتمكن العلماء من أن يعرفوا ما صح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مما لم يصح، أكثر الجماعات الإسلامية لا يرفعون اليوم رؤوسهم أولًا إلى ما يعرف بالسنة، والسنة في لغة الشرع أعم وأشمل منها في عرف الفقهاء؛ ذلك لأن الفقهاء يطلقون لفظة السنة على ما كان من العبادات غير المفروض على المسلم ففريضة وسنة، لكن السنة في لغة الشرع هي الطريقة والمنهج والسلوك الذي سلكه الرسول عليه السلام في تفسيره في بيانه للقرآن وتطبيقه إياه.
وعلى هذا جاء قوله عليه السلام في الحديث الصحيح والمتفق عليه بين الشيخين من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال:«من رغب عن سنتي فليس مني» فليس المقصود هنا: من رغب عن سنتي سنة الفجر .. سنة الظهر القبلية والبعدية إلى آخر ما هنالك من السنن الرواتب، ليس هذا هو المقصود في هذا الحديث، وإنما المقصود به السنة والطريقة التي جاء بها النبي عليه السلام لهذه الأمة، كبيانه للقرآن كما سبق عليه الكلام.
والذي يؤكد لنا هذا المعنى شيئان اثنان: أحدهما يتعلق بسبب ورود الحديث،