للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشيء الآخر: اتفاق الأمة أن من حافظ على الفرائض وانتهى عن المحرمات فهو إن شاء الله من أهل الجنة كما جاء في صحيح مسلم: «أن رجلًا قال يا رسول الله! أرأيت إن أنا صليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان، وحللت الحلال، وحرمت الحرام، أأدخل الجنة؟ قال: نعم، إن أنت صليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان، وحللت الحلال، وحرمت الحرام فأنت من أهل الجنة» فإذًا: هنا لا شيء مما يسمى في اصطلاح الفقهاء بالسنة يمنع من قام بما سبق ذكره في الحديث من الفرائض يحول تركه للسنة بينه وبين دخول الجنة، لكنه على العكس من ذلك إذا ترك السنة بمعناها الشرعي فلازم ذلك أنه حاد عن سبيل الرسول عليه السلام التي هي سبيل المؤمنين.

أما سبب الحديث وهو الشيء الأول الذي يدل على المعنى الصحيح لهذه الجملة: «فمن رغب عن سنتي .. » ... تقالوها، أي: وجدوا عبادته عليه السلام قليلة، وجدوها قليلة بالنسبة لما كان يدور في ذهنهم من أن الرسول عليه السلام ينبغي أن يكون أعبد العباد فيما يتصورون هم العبادة، وهو بلا شك أعبدهم جميعًا، لكن ليست العبادة بكثرة صلاة وصيام إنما هي بكثرة الإتيان من العبادات حسب ما جاء به الرسول عليه السلام، فبناءً على ما كان قائمًا في أذهانهم من المبالغة في العبادة وجدوا عبادته عليه السلام قليلة، وكأنهم شعروا بأن هذا نقص في حق الرسول عليه السلام فجاءوا بتعليل من أبطل ما يكون نرجو أن الله عز وجل يغفره لهم بسبب صحبتهم لنبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم - حيث قالوا بعد أن تقالوا العبادة: هذا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كأنهم يقولون: لماذا يتعب الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - نفسه، ولماذا يجهدها ويتعبها وقد حصل غاية المنى ألا وهو كما قال الله عز وجل: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ١ - ٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>