للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها أقرب قبولًا وألصق بالقلوب الصافية الفطر السليمة، ولا شك في أن الأمر في النهاية ستكون الدولة لها وليس بحاجة أن يعملوا سرًا.

ويوم تجتمع قلوب المسلمين كما أشرنا آنفًا على فهم الإسلام فهمًا صحيحًا وتطبيقه تطبيقًا صحيحًا يومئذٍ ستقوم قائمة الدولة الإسلامية المنشودة لدى الجميع وتحكيم الكتاب والسنة كما هو أيضًا مقصود الجميع، أما العمل السياسي والسري سواء حتى لو كان عملًا سياسيًا جهرًا لا سر فيه أنا أعتقد أنه من الصوارف التي تصرف الدعاة إلى الله عن دعوتهم إلى الله إلى اشتغال بالأمور السياسية، ستصرفهم عما هو أوجب واجب عليهم من الدعوة، أنا قلت آنفًا: أن أوجب ما يجب على علماء المسلمين أن يصفوا هذا الإسلام مما دخل فيه، وأن يقترن ذلك بتربية الذين صفي الإسلام لهم على هذا الإسلام المصفى، أين هذه الجماعة التي قامت بالواجب الأول ثم بالواجب الثاني ولم يبق عندهم إلا العمل السياسي؟ أنا لا أجد هذا الآن ولن أجده مهما طال بي الزمان؛ لأن هذا يحتاج إلى زمن كبير وكبير جدًا؛ لأنني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والذي كان ممدودًا بحبل السماء ومشدودًا قواه بالقوي الأمين جبريل عليه السلام ظل في قومه ثلاث وعشرين سنة يدعو إلى الله، في آخر أمد من حياته استطاع أن يضع النواة للدولة المسلمة، ثم بارك الله فيها بأصحابه الذين ورثوا الخلافة من بعده، وانتشر الإسلام كما هو معلوم لدى الجميع، فلا فائدة من التكرار، هكذا التاريخ يعيد نفسه، فأنا لا أجد الآن على وجه الأرض جماعة إن كانوا مثلًا مائة أو كانوا ألفًا، أو ألوفًا أو يزيدون على ذلك، إنهم على قلب رجل واحد فهمًا للإسلام فهمًا صحيحًا وتربيًة لأنفسهم ..

(فتاوى جدة- أهل الحديث والأثر (١) /٠١: ٥٨: ٢٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>