للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير من شبابنا المسلم فقد سمعتها من بعضهم كثيراً، وهي دعوى مباينة للإسلام تمام المباينة، ذلك لأنها قائمة على أساس أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بشر كسائر البشر الذين لا صلة لهم بالسماء، ولا ينزل عليهم الوحي من الله تبارك وتعالى.

٣ - هدف الحديث:

عرفنا مما سبق أن الحديث المسؤول عنه صحيح الإسناد عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأن ما فيه من الإخبار عن أمر مغيب إنما هو بوحي من الله تعالى إليه - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإذا تبين ذلك استحال أن يكون الهدف منه ما توهمه السائل الفاضل من «حمل الناس على الرضا بما نحن فيه ... » بل الغاية منه عكس ذلك تماماً، وهو تحذيرهم من السبب الذي كان العامل على تكالب الأمم وهجومهم علينا، ألا وهو «حب الدنيا وكراهية الموت» فإن هذا الحب والكراهية هو الذي يستلزم الرضا بالذل والاستكانة إليه والرغبة عن الجهاد في سبيل الله على اختلاف أنواعه من الجهاد بالنفس والمال واللسان وغير ذلك، وهذا هو حال غالب المسلمين اليوم مع الأسف الشديد.

فالحديث يشير إلى أن الخلاص مما نحن فيه يكون بنبذ هذا العامل والأخذ بأسباب النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، حتى يعودوا كما كان أسلافهم «يحبون الموت كما يحب أعداؤهم الحياة».

وما أشار إليه هذا الحديث قد صرح به حديث آخر فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إذا تبايعتم بالعينة (١)، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله


(١) هي أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه نقداً بأقل من الثمن الذي باعها به.

<<  <  ج: ص:  >  >>