للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» (١).

فتأمل كيف اتفق صريح قوله في هذا الحديث «لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» مع ما أشار إليه الحديث الأول من هذا المعنى الذي دل عليه كتاب الله تعالى أيضاً، وهو قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: ١١].

فثبت أن هدف الحديث إنما هو تحذير المسلمين من الاستمرار في «حب الدنيا وكراهية الموت»، ويا له من هدف عظيم لو أن المسلمين تنبهوا له وعملوا بمقتضاه لصاروا سادة الدنيا، ولما رفرفت على أرضهم راية الكفار، ولكن لابد من هذا الليل أن ينجلي، ليتحقق ما أخبرنا به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في أحاديث كثيرة، من أن الإسلام سيعم الدنيا كلها، فقال عليه الصلاة والسلام:

«ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر» (٢).


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ١٠٠) وأحمد (رقم ٤٨٢٥، ٥٠٠٧، ٢٥٦٢) والدولابي في «الكنى» (٥٢) والبيهقي (٥/ ٣١٦) من طرق عن ابن عمر، صحح أحدها ابن القطان، وحسن آخر شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (٣/ ٣٢، ٢٧٨). [منه]
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ١٠٣) والطبراني في «المعجم الكبير» (١/ ١٢٦/٢) والحاكم (٤/ ٤٣٠) وابن بشران في «الأمالي» (٦٠/ ١) وابن منده في «كتاب الإيمان» (١/ ١٠٢) والحافظ عبد الغني المقدسي في «ذكر الإسلام» (٢/ ١٢٦) من طريق أحمد عن تميم الداري مرفوعاً، وسنده صحيح، وصححه الحاكم أيضاً ووافقه الذهبي وقال المقدسي: «حديث حسن صحيح»، وله شاهدان: أحدهما عن المقداد بن الأسود أخرجه ابن منده والحاكم وسنده صحيح، والآخر عن أبي ثعلبة الخشني أخرجه الحاكم (١/ ٤٨٨). [منه]

<<  <  ج: ص:  >  >>