هؤلاء الذين يتهموننا بهذه التهمه لا شك أنهم يعلمون أن الدعوة السلفية أول ما تبدأ إنما تبدأ بمعالجة العقيدة، وتصحيح مفهوم الناس للتوحيد بأنواعه الثلاثة التي أصبح الأطفال في مدارسهم يعرفونها على الوجه الصحيح الذي جاء في الكتاب والسنة، خيراً مما يعرفه هؤلاء الدعاة الذين يزعمون أنهم حملوا راية الرد على الشيوعيين وعلى الملاحدة.
نحن في اعتقادنا أن هؤلاء الدعاة الذين يردون على الشيوعيين وأمثالهم، أول ما يردون عليهم ما يتعلق بتوحيد الربوبية، أما ما يتبع توحيد الربوبية من توحيد الإلوهية وتوحيد الصفات، هذا التوحيد الذي لا يتم علم القائل لا إله إلا الله إلا بأن يعرف أولاً ما هو الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية وتوحيد الأسماء والصفات، لا بد أن يعرف الفرق بين ذلك كله، ثم أن يقترن معه الإيمان الجازم به عملاً بقول الله تبارك وتعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد: ١٩]، فمن كان مشتغلاً دهراً طويلاً بدعوة جماهير المسلمين إلى معرفة حقيقة (لا إله إلا الله)، وأنه لا معبود في الوجود بحق إلا الله تبارك وتعالى، فكيف يصح لمن كان مؤمناً حقاً ويخشى ربه عز وجل فلا يفتري على المؤمنين، ولا يتهمهم بانشغالهم عن العقائد بالفرعيات كما يقولون.
أولئك الناس الذين يشتغلون بالرد على الشيوعيين ما يَرُدُّون انطلاقاً من دراسة الكتاب والسنة، وإنما ينطلقون من دراسة الفقه، ولا أقول مبدئياً الرأي، أي أنهم يحكمون عقولهم التي تستند إجمالاً على الإسلام، ولكنهم لم يعرفوا الإسلام على حقيقته كما أنزله الله عز وجل في كتابه وفي سنة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -، نحن نعلم من واقع دراسة العلم أن أي طالب علم يدرس العلم على المنهج العلمي، إنما يبدأ بما هو الأهم كما قيل: