للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة الرحمن على العرش استوى، فالعلماء يقولون بما ذكرنا آنفا أن الله عز وجل في كل مكان، وشيخ الإسلام يقول بقول السلف الصالح بأن الله عز وجل فوق المخلوقين كلها، فكان ذلك الأمير مع أنه ليس مشهورا بالعلم كان ذكياً، فقال في حق أولئك العلماء: «هؤلاء قوم أضاعوا ربهم» أي: حينما يقولون الله في كل مكان وليس على العرش استوى فهم أضاعوا ربهم.

هذه حقيقة يشهدها المؤمن بالله ورسوله حقاً بأن الذين يقولون بأن الله عز وجل ليس له صفة العلو على المخلوقات، وإنما هو في كل مكان، أنهم أضاعوا ربهم، لأنهم إذا سئلوا أين الله قالوا هو في كل مكان مع أن الجارية التي هي جارية وعبدة لسيدها نظراً لكونها كانت تعيش في جو ممتلئ بالتوحيد الصحيح فلما امتحنها الرسول عليه السلام وسأله بقوله المعروف: «أين الله»، قالت: «في السماء»، أما العلماء فقد أضاعوا ربهم، وجهلوا أنه إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، إلى آيات كثيرة تؤدي إلى هذا المعنى.

لهذا يقول ابن القيم الجوزية رحمه الله بأن المجسم يعبد صنماً، والمعطل يعبد عدماً المعطل هو الذي ينفي الصفات الإلهية، والتي منها الرحمن على العرش استوى.

إذاً الذين يقولون اليوم من المذاهب التي سبق أن ذكرناها الماتريدية والأشاعرة، فضلاً عن الشيعة، فضلا عن الخوارج، ومنهم إلاباضية، كل هؤلاء يلتقون في أن ينفوا عن الله عز وجل صفة العلو، ويقولوا الله في كل مكان، إذا هذا ينافي التوحيد لأنه يرجع إما إلى إنكار وجود الله عز وجل مطلقاً، وإما إلى الزيادة على النصارى في جعل الله عز وجل حالًّا في خلقه تعالى ربنا عز وجل عما يقوله الظالمون علواً كبيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>