للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١] جاء في كتب الحديث والسيرة النبوية: أن عَدِيّ ابن حاتم الطائي كان من العرب القليلين الذين تثقفوا وقرؤوا وكتبوا فأوداه ذلك إلى أن آمن بالنصرانية وتدين بها، وزار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلى عنقه الصليب، فوعظه الرسول عليه السلام وذكره بالله عز وجل وبتوحيده حتى هداه الله للإسلام، وأسلم وحَسُن إسلامه، وهو الآن من مشاهير الصحابة الكرام، في بعض المجالس لما تلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذه الآية أُشكلت على عدي ابن حاتم الطائي، قال يا رسول الله بناء على فهمه للآية «ما اتخذناهم أرباباً من دون الله» كيف هذا؟ قال له عليه السلام مبينا له ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالا حرمتموه، وعلى العكس إذا حللوا الحرام حللتموه؟ قال: أما هذا فقد كان. قال: فذاك اتخاذهم إياهم أرباباً من دون الله.

إذاً هذا التقليد الأعمى حذرنا منه الإسلام في هذه الآية التي حكاها عن النصارى حتى لا نسير مسيرتهم ولا نتشبه بهم، وقد حذرنا الرسول عليه السلام في بعض الأحاديث عن ذلك بمبدأ عام ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» فالنصارى قلدوا والمسلمين قلدوا، كان من الواجب على المسلمين أمران اثنان تتضمنهما شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، لو أن إنسانا كافرا أراد أن يدخل في دين الإسلام فشهد لله عز وجل بأنه لا إله غيره، ولكن لم يؤمن بالنبي رسولا، ما تفيده شهادة التوحيد شيئاً، ولا بُد من الجمع بين الشهادتين لا إله إلا الله، محمد رسول الله فأنا أقول أن الشهادة الأولى كما تتضمن توحيد الله عز وجل في عبادته، فالشهادة الأُخرى تتضمن إفراد النبي في اتباعه، كما أن الشهادة الأولى تتضمن توحيد الله في عبادته، فَمَن عبد غير الله فقد أشرك، ولو أنه آمن بأنه هو الخالق الرازق المحيي المميت؛ لأن المشركين كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>