حفظتهما في شبابي، الشعر الفقهي الذي ينبغي أن يحفظ لأنه سلس وجميل وفيه أحكام مجموعه، متفرقة في الكتاب والسنة قالوا:
القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلماً ومعرفاً ومحذر
ومجاهراً فسقاً ومستفتياً ... ومن طلب الإعانة في إزالة منكر
القدح الغيبة: محرم، لكن في هذا الأشياء الستة ليس محرماً، على هذا المبدأ الفقهي انطلق أئمة الحديث، حينما جَرَّحَوا عَدَّلوا نصحاً للأمة، ثم كانوا من ورعهم وخوفهم من ربهم، لا تأخذهم في ذلك لومة لائم، فكون محمد ابن عبد الرحمن ابن أبي ليلى من الفقهاء ما حال ذالك دونهم ودون وصفه بسوء الحفظ في روايته للحديث، كذلك كونهم يعلمون كما قال الشافعي أن أبا حنيفة الناس عيال في الفقه عليه، ما منعهم ذلك أن يصفوه بالضعف في الحديث نصحاً للأمة، لماذا هذا أبو داود صاحب السنن يتهم ابنه عبد الله ابن أبي داوود فيقول بلفظ أفظع مما قيل في أبي حنيفة فيما يتعلق بالجرح، يقول:«ابني كذَّاب»، وعليَّ بن المديني أيضاً يشهد في أبيه عبد الله بأنه ضعيف، فلماذا هؤلاء المتعصبة يهتمون بكلام أئمة الجرح في بعض الفقهاء ولا ينظرون إلى إنصافهم حينما هذا يطعن في ابنه، وذاك يطعن في أبيه، كل هذا صيانةً للحديث النبوي أن يدخل فيه ما ليس منه.
خلاصة القول في الإجابة عن هذا السؤال: أن السلفيين لا يطعنون في أحد من أئمة المسلمين، وإنما يُنْزِلون كل واحد منهم منزلته التي وضعه الله فيها، هذا أولاً، وثانياً: أن قولهم اتباعاً لأئمة الجرح والتعديل قولهم في إمام من أئمة المسلمين: إنه ضعيف في الضعيف, أو لا يؤخذ بحديثه، هذا ليس طعناً من قبيل الطعن الذي لا يجوز للمسلم أن يقع فيه، بل هو من المستثنيات الست التي سبق ذكرها آنفاً، لعل في هذا القدر كفاية.