المسلمين تمييز الصالح من الطالح، أولاً بمعرفة الرواية، وثانياً بحق الصحبه، من تصاحب، تصاحب المؤمن، «لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقياً»، فإذا رأيت رجلاً يصاحب فاسقاً أو يصاحب مبتدعاً، ولو كان هذا المبتدع صالحاً في ظاهره وجئت إلى هذا الصاحب المغرور بذالك الصالح المبتدع فقلت له يا أخي، قال رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم «لا تصاحب إلا مؤمنا»، هذا رجل مبتدع هذا رجل سيء الأخلاق ما تكون غمازاً ولا تكون شتاماً، ولا تكون لعاناً، والمؤمن ليس باللعان ولا الطعان كما جاء في الحديث الصحيح، لكنك إذا وضعت الطعن في محله، فأنت تكون مرضياً عنك من ربك.
ولعله من المفيد في هذا الصدد أن نروي لكم حديث أبي هريرة وغيره حديث أبي هريرة رواه الإمام البخاري، في الأدب المفرد بإسناد جيدٍ يرتفع إلى مرتبة الصحة، بمجيئه من طريق آخر، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآلة وسلم فقال يا رسول الله جاء يشكو جاره، قال يا رسول الله:«جاري ظلمني»، انتبهو الآن قوله -هذا المظلوم- «جاري ظلمني» أليس طعناً، أليس غيبةً، بل هو غيبة، فانظروا ماذا كان موقف الرسول عليه السلام:«قال: جاري ظلمني، قال: اخرج متاع دارك واجعله على قارعة الطريق» ففعل الرجل، والطريق بطبيعة الحال ما سميت طريقاً إلا لأنه مطروقاً، فكان كل ما مر ناس ورأوا هذه الظاهرة التي تلفت أنظارهم، قالوا: ما لك يا فلان، قال: جاري ظلمني، فما يكون منهم إلى أن يقولوا قاتله الله، لعنه الله، هذا طعن أم ليس طعناً؟ طعن فظيع، والجار الظالم يسمع كل هذه المطاعن، فما كان منه إلا أن ركض إلى النبي صلى الله عليه وآلة وسلم ليقول له: يا رسول الله أؤمر جاري بأن يعيد متاعه إلى داره، فقد لعنني الناس فقال عليه الصلاة والسلام:«لقد لعنك من في السماء، قبل أن يلعنك من في الأرض».
من مثل هذا الحديث والبحث طويل ولكن أوجزه ببيتين من الشعر كنت