للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عادته مع كثير من آيات ربه، لقد زاد بياناً تلك الآية والآية الأخرى بمثل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقد كان جالساً بين أصحابه، كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ذات يوم جالساً بين أصحابه جلسته المعروفة الدالة على تواضعه، كان جالساً على الأرض، فخط عليها خطاً مستقيماً، وخط حول هذا الخط المستقيم خطوطاً قصيرة، خط مستقيم وعلى جانبي الخط المستقيم خطوط قصيرة، ثم قرأ الآية الثانية فقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣]، ثم قال وهو يمر إصبعه الشريفة على الخط المستقيم: هذا صراط الله وهذه طرق وعلى كل رأس طريق منها شيطان يدعو الناس إليه.

أما الحديث الآخر الذي في ظني لا يخلو واحد منكم إلا وقد قرأه أو طرق سمعه مراراً وتكراراً، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة»، وفي رواية أخرى المفسرة للرواية الأولى، «قال: هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي».

فهذا الحديث أيضاً يؤكد أن النجاة لا تكون بالتفرق والتحزب إلى أحزاب وشيع وطرق شتى، وإنما بالانتماء إلى طريق واحدة وبسلوك طريقاً واحداً ألا وهو طريق محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -.

وفي ظني أن هذه حقيقة لا يماري ولا يجادل فيها من كان أوتي شيئاً من العلم ولو كان قليلاً؛ لأننا لم نذكر إلا كلاماً لله عز وجل أو حديثاً صحيحاً للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأي شيء بعد ذلك إنما يكون مما لا قيمة له إطلاقاً، لمثل قوله تبارك وتعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]، ومثل قوله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>