للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيامه وإتيانه لنسائه، والقصة معروفة، ولا أريد أن أطيل أكثر مما يقتضيه الوقت جواباً عن هذا السؤال، وإلا فهذا الحديث وحده يستحق محاضرة كاملة لا أقل من ساعة من الزمن، حسبي فيه أو منه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال في آخر الحديث المعروف بحديث الرهط بعد أن ذكر قوله عليه السلام: «أما إني أخشاكم لله، وأتقاكم لله، أما إني أصوم وأفطر، وأقوم الليل وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»، سنته - صلى الله عليه وآله وسلم - لا تعني المعنى الاصطلاحي عند الفقهاء الذي يعني بالسنة ما ليس بفريضة، لا يعني الرسول عليه السلام في أي حديث ذكر فيه لفظة السنة معنى السنة المصطلحة عليها في فروع الفقه، حيث يقولون مثلاً: فرائض الصلاة، سنن الصلاة، ويعرفون السنة: ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، ليس هذا المعنى هو المقصود في مثل قوله عليه الصلاة والسلام: «فمن رغب عن سنتي فليس مني»، وإنما المقصود به: المنهج والنظام والطريق الذي سار عليه الرسول عليه السلام منذ بدئه بالدعوة إلى الله إلى آخر رمق من حياته، هذا النظام وهذا المنطلق وهذا الطريق الذي سار عليه الرسول عليه السلام هو المقصود بالسنة فيما إذا ذكر في حديث من أحاديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومن الواضح أن السنة بهذا المعنى المقصود من حديث الرسول عليه السلام يعني الإسلام كلاً لا يتجزأ، سواء بفرائضه أو بسننه أو بمستحباته أو مندوباته أو مباحاته، سواء في أسلوب الدعوة أو في جوهر الدعوة، هذا هو معنى السنة: «فمن رغب عن سنتي فليس مني».

من ذلك حديث العرباض بن سارية الذي أيضاً أظن أنكم جميعاً قرأتموه أو سمعتموه على الأقل، وهو الذي قال فيه العرباض بن سارية: «وعظنا الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: أوصنا يا رسول الله، قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن ولي عبد حبشي، وإنه من يعش

<<  <  ج: ص:  >  >>