تلك الفرق الثلاثة والسبعين فقط فرقة واحدة ناجية، ووصفها: بأنها التي تكون على ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وما كان عليه أصحابه.
في هذا الحديث نحن ننبه لأمر هام طالما غفل عنه كل الدعاة الإسلاميين الموجودين اليوم حتى وبعضهم مع هذا المنهج الصحيح وهو الكتاب والسنة، في هؤلاء من لا يتنبه لهذا الذي ذكره الرسول عليه السلام في الحديث عطفاً على قوله:«ما أنا عليه»، ما اقتصر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على قوله في وصف الفرقة الناجية: ما أنا عليه، ولو أنه اقتصر على هذا لكان كافياً؛ لأن ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هو الهدى والنور، كما تسمعون في خطبة الحاجة:«وخير الهدى هدى محمد» - صلى الله عليه وآله وسلم -، إذاً لماذا ذكر عليه الصلاة والسلام وعطف على قوله:«ما أنا عليه» فقال: «وأصحابي»؟
هذا العطف مما يعطف عليه كثير من الدعاة، ولو كانوا معنا على منهج الكتاب والسنة؛ فلذلك فقد جريت على الدندنة والتطواف دائماً وأبداً حول هذه الجملة المعطوفة:«وأصحابي» لأهميتها، أهميتها من ناحيتين: الأولى: من حيث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أوتي جوامع الكلم، وأنه لا ينطق كما قال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: ٣ - ٤]، فإذا كان لا يتكلم إلا بالوحي، وهذا طبعاً فيما يتعلق بالأحكام الدينية، وإذا كان قد أوتي جوامع الكلم، فلماذا لم يقتصر على قوله:«ما أنا عليه» بل زاد وعطف على هذا فقال: «وأصحابي»، علماً أن الصحابة ما جاءوا بدين من عند أنفسهم وإنما أخلصوا في اتباعهم لنبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم -؟
السبب في ذلك هام جداً: وهو أن ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو الذي يسمى بالسنة، السنة التي جاء ذكرها في أكثر من حديث واحد، من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث الرهط الذين سألوا نساء النبي عن عبادته عن صيامه