للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانصرفوا.

هذا لم يصح على طريق أهل الحديث، لم يصح أولاً، ثم هناك رواية قوية بأن الله عز وجل أمر ملكاً بأن يغطي بجناحه فم الغار، ولذلك لم يروهما.

فالشاهد أن ذلك المشرك تتبع آثار الجيش الغازي لتلك القرية فوصل إلى المكان الذي كان قد أدركهم المساء، فنزلوا في واد وحسب النظام العسكري النبوي قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: من يكلؤنا الليلة، فقام رجلان من الأنصار الشابان أحدهما من الأوس والآخر من الخزرج، فقالا: نحن يا رسول الله. قال لهما: كونا على فم الشعب، فانطلقا والمشرك يراقبهما يريد أن يستغل الفرصة للوفاء بنذره، أن يأخذ بثأر زوجه، ولما وصل إلى المكان الذي هو موضع حراسة الجيش النائم، اتفق على أن يتناوبا الحراسة، هذا يحرس نصف الليل بينما الآخر ينام ثم يتبادلان، ثم بدا للحارس الذي قام منتصباً، بدا له أن يجمع بين عبادتين في وقت واحد، عبادة الحراسة وعبادة الصلاة في الليل الهادي فقام يصلي، وهنا اغتنم الفرصة المشرك الذي كان مختبئاً وراء صخرة، فرماه بحربه فوضعها في ساقه، فما كان منه إلا أن رماها أرضاً والدماء تسيل منه، ولما رأى المشرك أن هدفه لا يزال منتصباً وهذا يشعر بأنه لا يزال حياً رماه بالحربة الثانية فوضعها في ساقه، وهكذا ثلاث حراب ويصيب الهدف، ومن دقة تعبير جابر يقول: وضعها والوضع عادة يكون باليد، لكن هذا كناية لدقة الإصابة للهدف، فكأنه يضع الحربة وضعاً بيده، ومع ذلك فذلك الصحابي الجليل مستمر في صلاته لا يقطعها، والدماء تسيل منه حتى صلى ركعتين.

ثم إما أنه أيقظ صاحبه وإما أنه استيقظ، فلما رأى ما بصاحبه من الدماء هاله الأمر وسأله عن السبب، فقال: والذي نفسي بيده لقد كنت في سورة أقرؤها

<<  <  ج: ص:  >  >>