للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انظر الآن كيف نفى هنا ما أثبت آنفاً خطأً في حديث: قوموا لسيدكم.

لا، هم ما كانوا يقومون له، أما كانوا يقومون إليه؛ لأن القيام إليه يكون لخدمته، لإعانته .. إلى آخره، كما لاحظت في نفسك آنفاً.

ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك.

الآن الفطرة، فطرة الإنسان التي فطر الله الناس عليها أولاً، والفطرة المستقاة من مشكاة النبوة والرسالة ثانياً.

ترى! أتكره هذا القيام أم تستحبه؟ لا شك أن هذه الفطرة، الفطرة التي فطر الله الناس عليها أولاً لا يمكن أن تستحب ما كرهه عليه السلام، الفطرة التي تلقيناها من سيد الناس رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يمكن للمحبين له أن يخالفوه في ذلك.

فإذاً: هذا القيام لا يجوز اعتباره أداة احترام ما دام أنها لم تعتبر كذلك في العصر الأول الأنور. هذا من حيث الرواية، ومن حيث الفقه والدراية وكما يزعمون من حيث ما يدندنون اليوم ويبالغون فيه ويسمونه بفقه الواقع، ترى هل درسوا أثر اعتياد هذا القيام وتأثيره في واقع الناس أم لا؟

ظني أنهم ضربوا عن ذلك صفحاً.

لقد عرف كل الناس الذين يدرسون واقع الناس في كل عصر وفي كل مصر، لقد عرفوا أن هذا القيام أولاً هي وسيلة لنفاق اجتماعي وليس وسيلة إكرام، بدليل أن المسلم الصالح الدين إذا دخل المجلس لا أحد يقوم له، ولا أحد يأبه له، على العكس من ذلك إذا كان هناك شخص وجيه وقد يكون من فساق القوم، فتجد الناس يقومون له قياماً، ما هذا القيام، يقول لك هذا عادي من باب الإكرام،

<<  <  ج: ص:  >  >>