الصحيحة أخرجها من صحيح البخاري، حدثني مرة قال دعينا إلى حفل من حفلات هؤلاء الكبار، قال: فأجلسوني في الصف الثاني وبدأ الحفل يكتمل، وقبل أن يكتمل بدأ الرؤوس يدخلون، سرعان ما شاعت إشاعة الآن يأتي الأمير الفلاني، فالتفتت الأنظار إلى الباب الكبير، دخل الأمير فقمنا وبقينا قائمين حتى جلس في صدر المكان فجلسنا، بعد قليل شاعت إشاعة أخرى أن الباشا فلان سيأتي، توجهت الأنظار إلى الباب الكبير دخل الباشا قمنا، وبعد ذلك الآن يأتي الوزير الفلاني، دخل الوزير فقمنا، قال ما شعرت في نفسي إلا أنني قائم قاعد، كأن تحتي نابض، زمبرك يعني، قال: قلت في نفسي والله هذه شغلة طويلة لا يريحنا إلا أن نأخذ بالسنة التي سمعناها من فلان، فجلست ولم أقم فارتحنا، هذا واقع الحفلات كلها، هذا كلها نفاق اجتماعي، مع ذلك من باب السياسة ومن باب المداراة تشرع باسم الاستحباب هذه الوسائل، ثم هو يتحفظ فيقول أنا أعلم أن المسألة خلافية، والدليل الشرعي فيها، يلجأ إلى الاحتجاج بقول عالم فاضل ويجعله قدوة له وهو ينهى الناس أن يقلدوا عالماً ما، ونحن لا أقول نحن معهم، نقول هو معنا في النهي عن التقليد ولكن لأن عندنا تفصيل التقليد أمر لا بد منه في حدود معينة، لكن مع ذلك:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}[الصف: ٢ - ٣].
فالآن مثل هذه المسألة ما يليق بمثل هذا الأستاذ أن يدور عليها وينحى منحى قول من أهل العلم والفضل قال بتجويز هذا الشيء؛ بل باستحبابه حين أدخله في باب مكارم الأخلاق، وقد قال عليه السلام:«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، كان عليه إن كان لم يدرس المسألة بأدلتها الشرعية أن يدرسها قبل أن يتبنى رأي الشيخ الفلاني، وإن كان قد درسها فكان عليه أن يبين الدليل الشرعي الذي يجوز له اتخاذ هذه الوسيلة وسيلة إكرام وإدخالها في باب مكارم الأخلاق، وهي في