وهذا من هدي علماء السلف أنهم كانوا أصحاب مهنة يعتاشون بها ويبتعدون عن الوظائف في الدولة؛ لأنها في الغالب تكون قيداً وغلاً.
الشاهد فقام له ذلك العالم هو يعلم أنه يكره ذلك القيام، فبادره ببيتين من الشعر قائلاً:
لا تلمني على القيام فحقي ... حين تبدو لا أمل القياما
أنت من أكرم البرية عندي ... ومن الحق أن أجل الكراما
هذه فلسفة هؤلاء الناس الذين قالوا هذه عادة إكرام، ابن بطة كأكثر العلماء لا يحسنون الشعر، لكنه صاحبه الشاعر أولاً شاعر وتلميذ بار له يعرف فقهه، فقال له: أجبه عني، قال على البديهة:
أنت إن كنت لا عدمتك ترعى ... لي حقاً وتظهر الإعظاما
فلك الفضل في التقدم والعلم ... ولسنا نريد منك احتشاما
فاعفني الآن من قيامك هذا ... أولاً فسأجزيك بالقيام القياما
وأنا كاره لذلك جداً ... إن فيه تملقاً وأثاما
وإذا صحت الضمائر منا ... اكتفينا من أن نتعب الأجساما
كلنا واثق بود أخيه ... ففيم انزعاجنا وعلى ماذا؟
هذه العبرة التي يجب أن ننتهي إليها ونبتعد عن الوسائل التي تعدمها، ولنا صديق في دمشق بهذه المناسبة أصحاب المكتبة العربية الهاشمية أحمد عبيد وحمدي عبيد وتوفيق عبيد، ثلاثة إخوة أفاضل، ماتوا في رحمة الله، المهم أحدهم كان قريباً جداً من الدعوة السلفية له رسالة صغيرة اسمها الأحاديث