فإذاً: عليهم جميعاً هذه الجماعات إن كانوا صادقين بأنهم يتبنون الكتاب والسنة .. عليهم أولاً أن يطبقوه على منهج السلف الصالح، وثانياً: أن يطبقوه في أنفسهم وفي غيرهم في حدود استطاعتهم ولا يفكروا في إقامة الدولة المسلمة التي تحتاج إلى شروط كثيرة وكثيرة جداً أولها اجتماع القلوب .. قلوب المسلمين على مذهب مستقيم وليس .... إلا كما قال رب العالمين:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣] فالسبيل الذي أشار الله عز وجل في هذه الآية الكريمة هو ما كان عليه الرسول عليه السلام وأصحابه.
وقد جاء في مستدرك الحاكم وغيره من حديث ابن مسعود:«أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خط ذات يوم خطاً مستقيماً على الأرض ثم خط حوله خطوطاً قصيرة ثم قرأ عليه الصلاة والسلام تلك الآية:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣]» ثم زاد عليه الصلاة والسلام تبياناً لهذه الآية كما هو مأمور به في القرآن: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] قال عليه الصلاة والسلام مشيراً إلى الخط المستقيم: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ}[الأنعام: ١٥٣] ثم أشار إلى الخطوط القصيرة التي حول الخط المستقيم فقال: «هذه طرق وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه».
هذه الطرق القصيرة هي في الواقع تمثل تنفيذاً دقيقاً جداً وكأنما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الرسم الحلال كان ينبئ المسلمين بما سيقع من الاختلاف والاقتصار على سلوك الطرق القصيرة؛ لأننا سمعناها بآذاننا هذه أكثر من مرة يقولون: لا شك أن هذه الدعوة التي أنتم عليها من الرجوع إلى الكتاب ... والسنة في كل ما اختلف فيه الناس وعلى منهج السلف الصالح لا شك أن هذه الدعوة هي دعوة الحق