ذكرهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث الفرق حيث قال عليه السلام في الحديث المشهور في آخره:«وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة» الجماعة هي سبيل المؤمنين المذكور في الآية السابقة، وقد جاء تفسير هذه الجماعة في رواية أخرى فقال عليه الصلاة والسلام:«هي التي على ما أنا عليه وأصحابي» لهذا لا ينبغي أن يكتفي المسلم بقوله: أنا على الكتاب والسنة ثم يفسر الكتاب والسنة على ما [يراه] ويخطر في باله إن لم نقل: على ما
يوافق هواه، هذا لا يكون متبعاً لسبيل المؤمنين وإنما يكون متبعاً لهواه.
لذلك أكد ربنا عز وجل في الآية السابقة فقال:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] فاتباع غير سبيل المؤمنين هو دليل الانحراف عن اتباع الكتاب والسنة؛ لأن السلف الأول كانوا على الكتاب والسنة بالمفهوم الصحيح.
ولما تفرق المسلمون بعد القرن الأول بخاصة وما تلاه من القرون إنما تفرقوا بسبب أنهم لم يضعوا نصب أعينهم الاقتداء بالصحابة الذين قال عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق أنهم هم الفرقة الناجية، وأكد ذلك عليه الصلاة والسلام في حديث العرباض المعروف لدى الجميع إن شاء الله وهو قوله رضي الله عنه:«وعظنا رسول الله .. ». [انقطاع] .. «الراشدين المهديين من بعدي» إلى آخر الحديث وهو معروف، فالملاحظ هنا: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يقتصر على قوله:«فعليكم بسنتي» بل عطف على ذلك أيضاً فقال: «وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» ما السر في ذلك؟ السر في ذلك في قوله:«ما أنا عليه وأصحابي» أي: إن هؤلاء الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون هم الذين تلقوا الإسلام مبيناً مفسراً من فم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - غضاً طرياً ثم طبقوا دون إفراط أو