وهذه الحالة هي أكثر أنواع التوكيد وقوعًا في القرآن، بلغت مواضعها ٢٠٢ موضع. وقد بلغ من كثرتها أن وجدت ستة أفعال مؤكدة توكيدًا واجبًا في آية واحدة، وهي قوله تعالى:{ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}[٤: ١١٩].
فإن كان المضارع منفيًا كقوله تعالى:{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}[٤: ٦٥]. {قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا}[١٢: ٨٥].
أو كان مفصولاً من لام القسم بفاصل، كقوله تعالى:{ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون}[٣: ١٨٥]. {فلسوف تعلمون}[٢٦: ٤٩]. {ولسوف يعطيك ربك}[٩٣: ٥].
أو كان المضارع للحال كقراءة الحسن:(لأقسم) امتنع التوكيد. إذا اجتمعت هذه الشروط على المضارع وجب توكيده بالنون؛ كما وجب ألا تفارقه اللام، صرح بذلك سيبويه في مواضع من كتابه:
قال في جـ ١: ٤٥٤: «فإذا حلفت على فعل غير منفي لم يقع لزمته اللام، ولزمت اللام النون الخفيفة، أو الثقيلة».
وقال في ٢: ١٤٩: «ومن مواضعها الفعل الذي لم يجب الذي دخلته لام القسم فذلك لا تفارقه الخفيفة والثقيلة لزمه ذلك؛ كما لزمته اللام للقسم». وانظر ١: ٤٥٥، ٤٥٦.
وابن يعيش ينقل عن أبي علي الفارس: أن التوكيد مع استعمال هذه الشروط غير لازم أن ذلك مذهب سيبويه قال في ٩: ٣٩: «وذهب أبو علي إلى أن النون هنا غير لازمة، وحكاه عن سيبويه». انظر الإيضاح: ٣٢٣.
وقال في صفحة ٤٣:«وذهب أبو علي على أنه يجوز ألا تلحق هذه النون الفعل، قال: لحاقها أكثر، وزعم أنه رأى سيبويه، والنصوص عليه خلاف ذلك».
وكذلك نسب ابن عطية إلى سيبويه قال: وقد لا تلزم هذه النون لام التوكيد،