هذه الجملة الآثمة استفتح بابها، وحمل لواءها نحاة البصرة المتقدمون، ثم تابعهم غيرهم من اللغويين، والمفسرين، ومصنفي القراءات.
وفي البخاري حديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها في رد قراءة (كذبوا) بالتخفيف من قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} ١٢: ١١٠.
في البخاري ٦: ٧٧ - ٧٨ «عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها - قالت وهو يسألها عن قول الله تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} قال: قالت: (أكذبوا) أم (كذبوا) قالت عائشة: كذبوا».
عن الزهري قال: أخبرني عروة فقلت: لعلها (كذبوا) مخففة قالت: معاذ الله.
ويؤسفني أن أقول: إن كتب النحو واللغة والتفسير وغيرها قد تضمنت نصوصًا كثيرة في الطعن على الأئمة القراء الذين تواترت قراءاتهم في السبع، والذين ارتضت الأمة الإسلامية قراءاتهم فركنوا إليها، وعولوا عليها.
١ - في مراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي ص ٢٦ - ٢٧ «وحدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا إبراهيم بن حميد قال: أخبرنا أبو حاتم قال: سألت عن حمزة أبا زيد، والأصمعي، ويعقوب الحضرمي، وغيرهم من العلماء، فأجمعوا على أنه لم يكن شيئًا، ولم يكن يعرف كلام العرب، ولا النحو، ولا كان يدعي ذلك، وكان يلحن في القرآن، ولا يعقله يقول:{وما أنتم بصرخيَّ} بكسر الياء المشددة، وليس ذلك من كلام العرب، ونحو هذا من القراءة. قال أبو حاتم: وإنما أهل الكوفة يكابرون فيه ويباهتون، فقد صيره الجهال من الناس شيئًا عظيمًا بالمكابرة والبهت».