للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البحر ٤: ٩٨ - ٩٩: «مجيء الحملة بإذا بعد (حتى) كثير جدًا في القرآن، وأول ما وقعت فيه قوله: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح} ٤: ٦ [قبلها: {حتى إذا فشلتم} ٣: ١٥٢].

وهي حرف ابتداء، وليست هنا جارة لإذا، ولا جملة الشرط وجملة الجزاء في موضع جر، وليس من شرط (حتى) التي هي حرف ابتداء أن يكون بعدها المبتدأ، بل تصلح أن يقع بعدها المبتدأ، ألا ترى أنهم يقولون في نحو: ضربت القوم حتى زيدا ضربته: إن (حتى) فيه حرف ابتداء، وإن كان ما بعدها منصوبًا.

و (حتى) إذا وقعت بعدها (إذا) يحتمل أن تكون بمعنى الفاء، ويحتمل أن يتكون بمعنى إلى، فيكون التقدير: فإذا جاءوك يجادلونك يقول، أو يكون التقدير: وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، أي منعناهم من فهم القرآن وتدبره إلى أن يقولوا: إن هذا إلا أساطير الأولين في وقت مجيئهم مجادليك؛ لأن الغاية لا تؤخذ إلا من جواب الشرط، لا من الشرط، وعلى هذين المعنيين يتخرج جميع ما جاء في القرآن من قوله تعالى: {حتى إذا}.

وتركيب {حتى إذا} لابد أن يتقدمه كلام ظاهر، نحو هذه الآية، ونحو قوله: {فانطلقا حتى إذا لقيا غلامًا فقتله قال أقتلت} ١٨: ٧٤. أو كلام مقدر يدل عليه سياق الكلام، نحو قوله تعالى: {أتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انخفوا حتى إذا جعله نارًا} ١٨: ٩٦. التقدير: فأتوه بها ووضعها بين الصدفين حتى إذا ساوى بينهما قال انفخوا فنفخوا حتى إذا جعله نارًا بأمره وإذنه قال: {أتوني أفرغ}، ولهذا قال الفراء: {حتى إذا} لابد أن يتقدمها كلام لفظًا أو تقديرًا».

وفي «شرح الكافية» ٢: ١٠٥: «إذا جاء (إذا) بعد (حتى) كقوله تعالى: {حتى إذا هلك قلتم} ٤٠: ٣٤ فهو باق على ما كان عليه من طلب الجملتين منتصب بأخراهما ... و (حتى) تكون معها حرف ابتداء، إذ ليس معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>