الغافلين»، وهذا الكتاب فيه كثير من الموضوع: فلا يعتمد عليه». فما الذي صنعه النحويون في هذا المسموع.
الفراء يجيز ذلك من غير أن يفاضل بين الوجهين: النصب والرفع. قال في قوله تعالى:{أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم}[٥: ١]: «٤ وله: {إلا ما يتلى عليكم} في موضع نصب بالاستثناء، ويجوز الرفع، كما يجوز: قام القوم إلا زيد، وإلا زيد» معاني القرآن [١: ٢٩٨].
وسيبويه يصرح في كتابه بأن إبدال المستثنى من المستثنى منه لا يجوز في التام المثبت، وعلل ذلك بتعليل سري من كتابه إلى كتب النحو الأخرى. وعقد بابا عنونه بقوله [١: ٢٧٤] «هذا باب ما يكون مبتدأ بعد (إلا)».
والزمخشري يؤول الفعل المثبت بفعل منفي في قوله تعالى:{فشربوا منه إلا قليل منهم} أي لم يطيعوه، وإن كان قد أجاز الإبدال في الاستثناء التام المثبت في غير الآية المذكورة: أجاز في قوله تعالى: {إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني}[٤٣: ٣٦ - ٣٧]. أن يكون (الذي) بدلا من المجرور بمن.
وأبو البقاء العكبري منع البدلية هنا، وقال بها في آيات أخرى. أما ابن مالك فقد عقد في كتابه «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح» بابا لرفع المستثنى التام الموجب ذكر فيه بعض الأحاديث، وخرج المرفوع على أنه مبتدأ، ثم قال: ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلا النصب وقد أغفلوا وروده بالابتداء ثابت الخبر ومحذوفه.
والرضي يخرج الحديث الأخير على أن (إلا) صفة، ويخرج قراءة {فشربوا منه إلا قليل} على تأويل الفعل المثبت بفعل منفي: كما صنع الزمخشري وقد صرح في غير موضع من كتابه بأن مثل هذا التأويل نادر.
وأبو حيان يخرج الرفع على أن (إلا) صفة، ورد على من أول الفعل المثبت بفعل منفي؛ كما رد إعراب ابن مالك مبتدأ بقوله: وهذه أعاريب من لم يمعن في النحو.