لأن (لا) لا تعمل في المعارف، إن قلنا إن الخبر مرفوع بها، وإن قلنا إن الخبر ليس مرفوعا، بل هو خبر المبتدأ الذي هو (لا) مع اسمها وهو مذهب سيبويه فلا يجوز أن يكون خبرا أيضا لما يلزم عليه من جعل المبتدأ نكرة، والخبر معرفة، وهو عكس ما استقر في لسان العرب، البحر ١: ٤٦٣، وقال البطليوسي: «فإن قيل: فما الذي يمنع من أن يكون الموجود في الآية خبر التبرئة ولا يحتاج إلى تكلف هذا الإضمار؟
فالجواب: أن ذلك خطأ من ثلاثة أوجه:
١ - أحدها: أن (لا) هذه لا تعمل إلا في النكرات.
٢ - الثاني: أن ما بعد (إلا) موجب، و (لا) لا تعمل في الموجب إنما تعمل في المنفي.
٣ - الثالث: أنك لو جعلته خبر التبرئة كنت قد جعلت الاسم نكرة، والخبر معرفة، وهذا عكس ما توجبه صناعة النحو، لأن الحكم في العربية:
إذا اجتمعت معرفة ونكرة أن تكون المعرفة هي الاسم، والنكرة الخبر، فلذلك جعل النحويون الخبر في نحو هذا محذوفا». الأشباه والنظائر ٣: ٢٣٩ - ٢٤٠.
وفي المغني ٢: ١٤١ «ولم يتكلم الزمخشري في كشافه على المسألة اكتفاء بتأليف مفرد له فيها، وزعم فيه أن الأصل: الله إله، المعرفة مبتدأ، والنكرة خبر على القاعدة، ثم قدم الخبر، ثم أدخل النفي على الخبر، والإيجاب على المبتدأ، وركبت (لا) مع الخبر؛ فيقال له: فما تقول في نحو: لا طالعا جبلا إلا زيد لم انتصب خبر المبتدأ؟ فإن قال: إن (لا) عاملة عمل (ليس)، فذلك ممتنع لتقدم الخبر، ولانتقاض النفي، ولتعريف أحد الجزئين».
وقال الرضي: في شرح الكافية ١: ٢٢٠: «وأما نحو قولك: لا إله إلا الله، ولا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار فالنصب على الاستثناء فيه أضعف منه في نحو: لا أحد فيها إلا زيد، لأن العامل فيه وهو خبر (لا) محذوف، إما قبل الاستثناء وإما بعده، وفي نحو: لا أحد فيها إلا زيد ظاهر وهو خبر (لا)».
وفي كليات أبي البقاء ص ٣٨٧: والأكثر الر فع، والنصب مرجوح، ولم