كذا، وبين الإفادة في هذا المثال بقوله في شرح الكافية ص ٤٦.
«لأنه يجوز أن يقرأ الأيام كلها إلا يوما، بخلاف ضربني إلا زيد، فإنه لا يستقيم أن يضربه كل أحد ويستثنى زيدا».
وبين الإفادة العصام بقوله في شرح الكافية ص ١٤٥:«في مقام بيان أيام أسبوعك أو شهرك أو سنتك».
* * *
أحصيت آيات الاستثناء في القرآن الكريم، وكان من ثمرة هذا الاستقراء أن وجدت آيات كثيرة جاء فيها الاستثناء المفرغ بعد الإيجاب، وبعض هذه الآيات جاء الإثبات فيها مؤكدا مما يبعد تأويل هذا الإثبات بنفي، مثل قوله تعالى:
١ - {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}[٢: ٤٥].
٢ - {وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}[٢: ١٤٣].
٣ - {لتأتنني به إلا أن يحاط بكم}[١٢: ٦٦].
فهذا الإثبات المؤكد بإن واللام، أو بالقسم ونون التوكيد لا يسوغ حمله على معنى النفي، فإننا لو سلكنا هذا الطريق وسوغنا هذا التأويل ما وجدنا في لغة العرب إثباتا يستعصى على تأويله بالنفي؛ لذلك لا استسيغ تأويل ابن هشام في المغني ٢: ١٨٩، والزركشي في البرهان ٤: ٢٤٠ تأولا قوله تعالى: {وإنها لكبيرة} بقولهما: إنها لا تسهل وكذلك تأويل الزمخشري قوله تعالى: {لتأتنني به} بقوله: لا تمتنعون من الإتيان.
وخير ما يرد به مثل هذا التأويل ما قاله أبو حيان في البحر ١: ٢٨٧ في الرد على من أول قوله تعالى: {توليتم} بقوله: لم يفوا، قال:
«فليس بشيء، لأن كل موجب إذا أخذت في نفي نقيضه، أو ضده كذلك فليجز: قام القوم إلا زيد، لأنه يؤول بقولك: لم يجلسوا إلا زيد ومع ذلك لم تعتبر العرب هذا التأويل، فتبنى عليه كلامها».