في البحر ٢: ١٣٧ - ١٣٨ «{من بعد} متعلق باختلف و {بغيا} منصوب باختلف هذا قول بعضهم قال: ولا يمنع (إلا) من ذلك؛ كما تقول: ما قام زيد إلا يوم الجمعة» انتهى كلامه.
وهذا فيه نظر، وذلك أن المعنى على الاستثناء والمفرغ في الفاعل، وفي المجرور، وفي المفعول من أجله، إذ المعنى: وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه إلا من بعد ما جاءتهم البينات إلا بغيا بينهم، فكل واحد من الثلاثة محصور، وإذا كان كذلك فقد صارت أداة الاستثناء مستثنى بها شيئان دون الأول من غير عطف، وهو لا يجوز، وإنما جاز مع العطف، لأن حروف العطف ينوي بعدها (إلا)، فصارت كالملفوظ بها، فإن جاء ما يوهم ذلك جعل على إضمار عامل، ولذلك تأولوا قوله تعالى:{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، بالبينات والزبر}[١٦: ٤٣ - ٤٤]. على إضمار فعل، والتقدير: أرسلناهم بالبينات والزبر، ولم يجعلوا {بالبينات} متعلقا بقوله: {وما أرسلنا} لئلا يكون (إلا) قد استثنى بها شيئان: أحدهما {رجالا} والآخر {بالبينات} من غير عطف».
وقال في ص ١٣٨ «وأجاز قوم أن يقع بعد (إلا) مستثنيان دون عطف، والصحيح أنه لا يجوز، لأن (إلا) من حيث المعنى معدية، ولولا (إلا) لما جاز للاسم بعدها أن يتعلق بما قبلها، فهي كواو مع، وكالهمزة التي جعلت للتعدية في بنية الفعل، فكما أنه لا تعدى واو مع، ولا الهمزة لغير مطلوبها الأول إلا بحرف عطف فكذلك (إلا) وانظر البحر ٢: ٤١١».
ولأبي حيان مواقف أخرى مال فيها إلى رأي الكسائي والأخفش تمثل لها بما يأتي:
١ - {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوارة}[٣: ٩٣].
في البحر ٣: ٤ «{من قبل} ويظهر أنه متعلق بقوله: {كان حلا لبني إسرائيل}، وفصل بالاستثناء، إذ هو فصل جائز، ولذلك على مذهب الكسائي