وقد بالغ السهيلي فزعم أن [أم] لم تقع في القرآن إلا متصلة، و [أم] المنقطعة لا ينبغي أن تكون في القرآن، قال في كتابه نتائج الفكر ص ٢٠٩: ٢١٠.
«وهذه [أم] التي هي مشوبة المعنى بالإضراب والاستفهام، ولا ينبغي أن تكون في القرآن، وإن كانت على جهة التقرير؛ نحو:{أنا خير من هذا الذي} وأحسب جميع ما وقع منها في القرآن إنما هو على أصلها الأول من المعادلة، وإن لم يكن قبلها ألف استفهام، نحو قوله:{أم يقولون شاعر} و {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم}. لأن القرآن كله مبني على تقرير الجاحدين، وتبكيت المعاندين، وهو كله كلام واحد، كأنه معطوف بعضه على بعض، فإذا وجدت [أم] وليس قبلها استفهام في اللفظ فهو متضمن في المعنى. معلوم بقوة الكلام كأنه يقول: أتقولون كذا أم تقولون كذا. وأبلغك كذا أم حسبت أن الأمر كذا ونظيره ما يتكرر في القرآن من قوله سبحانه:{وإذ قلنا}{وإذ أذقنا} بواو العطف من غير ذكر عامل يعمل في [إذ]؛ لأن الكلام في معرض تعداد النعم، وتكرار الأقاصيص، فيصير بالواو العاطفة إليها كأنها مذكورة في اللفظ؛ لعلم المخاطب بالمراد».
وقد أعجب بهذا الرأي ابن القيم وبسط القول فيه في البدائع ١: ٢٠٦ - ٢٠٩ ونذكر صدرا من كلامه:
«والحق أن يقال: إنها على بابها وأصلها الأول من المعادلة والاستفهام حيث وقعت، وإن لم يكن قبلها أداة استفهام في اللفظ.
وتقديرها ببل والهمزة خارج عن أصول اللغة العربية؛ فإن [أم] للاستفهام [بل] للإضراب ويا بعد ما بينهما، والحروف لا يقوم بعضها مقام بعض على أصح الطريقتين، وهي طريقة إمام الصناعة والمحققين من أتباعه، ولو قدر قيام بعضها مقام فهو فيما تقارب معناهما؛ كمعنى [على] و [في]، ومعنى [إلى] و [مع] ونظائر ذلك، وأما فيما لا جامع بينهما فلا.
ومن هنا كان زعم من زعم أن [إلا] قد تأتي بمعنى الواو باطلا؛ لبعد ما بين