قال أبو حيان: كأنه فهم من نفي (كاد) أنه يقع منهم بعد عسر، وهو قول لبعضهم: إن نفيها إثبات وإثباتها نفي وليس بالمختار. البحر ٦: ١٦٣.
٣ - إذا أخرج يده لم يكد يراها ... [٢٤: ٤٠]
في معاني القرآن ٢: ٢٥٥ فقال بعض المفسرين: لا يراها، وهو المعنى لأن أقل من الظلمات التي وصفها الله لا يرى فيه الناظر كفه. وقال بعضهم:
إنما هو مثل ضربه الله فهو يراها، ولكنه لا يراها إلا بطيئًا، كما تقول:
ما كدت أبلغ إليك وأنت قد بلغت، وهو وجه من العربية، ومن العرب من يدخل كاد ويكاد في اليقين، فيجعلها بمنزلة الظن إذا دخل فيما هو يقين.
وقال أيضًا في ص ٧١ - ٧٢: «والعرب قد تجعل (لا يكاد) فيما قد فعل، وفيما لم يفعل، فأما ما قد فعل فهو بين هنا من ذلك لأن الله عز وجل يقول لما جعله لهم طعامًا.
وأما ما دخلت فيه (كاد) ولم يفعل فقولك في الكلام: ما أتيته ولا كدت، وقول الله عز وجل ف يالنور {إذا أخرج يده لم يكد يراها} فهذا عندنا والله أعلم - أنه لا يراها. وقد قال ذلك بعض الفقهاء لأنها لا ترى فيما هو دون هذا من الظلمات، وكيف بظلمات قد وصفت بأشد الوصف».
وفي المغني: ٧٣٧ - ٧٣٨: «قولهم في (كاد): إثباتها نفي، ونفيها إثبات. والصواب أن حكمها حكم سائر الأفعال في أن نفيها نفي، وإثباتها إثبات. وبيانه: أن معناها المقاربة، ولا شك أن معنى كاد يفعل: قارب الفعل، وأن معنى ما كاد يفعل: ما قارب الفعل فخبرها منفي دائمًا، أما إذا كانت منفية فواضح، لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل انتفى عقلاً حصول ذلك الفعل ودليل:
{إذا أخرج يده لم يكد يراها} ولهذا كان أبلغ من أن يقال: لم يرها، لأن من لم ير قد يقارب الرؤية.
فأما إذا كانت المقاربة مثبتة فإن الإخبار بقرب الشيء يقتضي عرفًا عدم حصوله،