فأما احتقار الشيء وتقليله فكرجل سمعته يزعم أنه يهب الهبات، ويواسي الناس بماله، فتقول له: إنما وهبت درهما، تحتقر ما صنع، ولا تعده شيئا.
وأما الاقتصار على الشيء فنحو رجل سمعته يقول: زيد شجاع وكريم وعاقل، وعالم فتقول: إنما هو شجاع، أي ليس هـ من هذه الصفات الثلاثة غير الشجاعة.
وتستعمل [إنما] أيضا في رد الشيء إلى حقيقته، إذا وصف بصفات لا تليق به؛ كقوله تعالى:{إنما الله إله واحد} وقوله: {إنما أنا بشر مثلكم} وهذا راجع إلى معنى الاقتصار.
وذكر الكوفيون أنها تستعمل بمعنى النفي، واحتجوا بقول الفرذدق:
أنا الذائد الحامي الذمار وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي
قالوا: معناه: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو مثلي» ..
وفي المغني ٢: ٨ - ٩ «وزعم جماعة من الأصوليين والبيانيين أن [ما] الكافة التي مع [إن] نافية وأن ذلك سبب إفادتها للحصر. قالوا: لأن [إن] للإثبات، و [ما] للنفي، فلا يجوز أن يتوجها معا إلى شيء واحد لأنه تناقض، ولا أن يحكم بتوجيه النفي للمذكور بعدها؛ لأنه خلاف الواقع باتفاق، فتعين صرفه لغير المذكور، وصرف الإثبات للمذكور، فجاء الحصر. وهذا البحث مبني على مقدمتين باطلتين بإجماع النحويين ..».
أما أبو حيان فقد رد على الزمخشري في إفادة [إنما] للحصر فقال في البحر ٦: ٣٤٤ «أما ما ذكره في [إنما] أنها لقصر ما ذكر فهو مبني على أن [إنما] للحصر، وقد قررنا أنها لا تكون للحصر، وأن [ما] مع [إن] كهي مع [كأن]، ومع [لعل] فكما أنها لا تفيد الحصر في التشبيه، ولا الحصر في الترجي، فكذلك لا تفيده مع [إن].
وأما جعله [إنما] المفتوحة الهمزة مثل مكسورتها تدل على القصر فلا نعلم الخلاف إلا في [إنما] بالكسر، وأما بالفتح فحرف مصدري ينسبك منه مع ما بعده مصدر، فالجملة بعدها ليست مستقلة».