للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الزمخشري والزجاج، ورده أبو علي، لأن المرصد: المكان الذي يرصد فيه العدو، فهو مكان مخصوص لا يحذف الحرف منه إلا سماعا، كما حكى سيبويه: دخلت البيت وكما عسل الطريق الثعلب.

وأقول: يصح انتصابه على الظرف لأن قوله: (واقعدوا لهم) ليس معناه حقيقة القعود بل المعنى: ارصدوهم في كل مكان يرصد فيه، ولما كان بهذا المعنى جاز قياسًا أن يحذف منه كما قال:

وقد قعدوا أنفاقها كل مقعد

فمتى كان العامل في الظرف المختص عاملاً من لفظه أو من معناه جاز أن يصل إليه بواسطة (في) فيجوز: جلست مجلس زيد، وقعدت مجلس زيد، تريد: في مجلس زيد، فكما يتعدى الفعل إلى المصدر من غير لفظه إذا كان بمعناه فكذلك إلى الظرف.

وقال الأخفش: معناه: على كل مرصد، فحذف وأعمل الفعل.

وحذف (على) ووصل الفعل إلى مجرورها. فنصبه يخصه أصحابنا بالشعر وأنشدوا:

تحن فتبدي ما بها من صبابة ... وأخفى الذي لولا الأسى لقضاني

البحر ٥: ١٠، العكبري ٢: ٦.

وفي المغني ٦٣٨: «وهذا مخالف لكلامهم، إذ اشترطوا توافق مادة الظرف وعامله، ولم يكتفوا بالتوافق المعنوي كما في المصدر. والفرق أن انتساب هذا النوع على الظرفية على خلاف القياس لكونه مختصًا، فينبغي ألا يتجاوز به محل السماع».

البيان ١: ٣٩٤. ذكر الوجهين.

<<  <  ج: ص:  >  >>