٤ - إذا كانت [أنى] بمعنى كيف كانت اسما مبنيا منصوبا على الحال؛ وإذا كانت بمعنى من أين كانت ظرفا مبنيا مكانيا، فهي مبنية لتضمن حرف الاستفهام أو الشرط، وإذا كانت خبرا فهي متعلقة بمحذوف هو الخبر. البحر ٢: ١٥٦.
٥ - جاءت [أنى] شرطية في قوله تعالى: {فأتوا حرثكم أنى شئتم} ٢: ٢٢٣.
في البحر ٢: ١٧١ - ١٧٢ «لا جائز أن تكون استفهاما؛ لأنها إذا كانت استفهاما اكتفت بما بعدها من فعل؛ كقوله:{أنى يكون لي ولد} أو من اسم، كقوله:{أنى لك هذا} ولا تفتقر إلى غير ذلك. وهنا يظهر افتقارها وتعلقها بما قبلها ..
والذي يظهر لي - والله أعلم - أنها تكون شرطا؛ لافتقارها إلى جملة غير الجملة التي بعدها، وتكون قد جعلت فيها الأحوال كجعل الظروف المكانية، وأجريت مجراها، تشبيها للحال بالظرف المكاني، وقد جاء نظير ذلك في لفظ [كيف] خرج به عن الاستفهام إلى معنى الشرط في قولهم: كيف تكون أكون .. فلا يجوز ها هنا أن تكون استفهاما، وإنما لحظ فيها معنى الشرط وارتباط الجملة بالأخرى، وجواب الجملة محذوف، ويدل عليه ما قبله، وتقديره: أنى شئتم فأتوه ... كما حذف جواب الشرط في قولك: اضرب زيدا أنى لقيته.
فإن قلت: قد أخرجت [أنى] عن الظرفية الحقيقية، وأبقيتها لتعميم الأحوال، مثل كيف، وجعلتها مقتضية لجملة أخرى كجملة الشرط فهل الفعل الماضي الذي هو [شئتم] في موضع جزم كحالها إذا كانت ظرفا أم هو في موضع رفع كهو بعد كيف في قولهم: كيف تصنع أصنع؟
فالجواب: أنه يحتمل الأمرين، لكن يرجح أن يكون في موضع جزم، لأنه قد استقر الجزم بها إذا كانت ظرفا صريحا، غاية ما في ذلك تشبيه الأحوال بالظروف، وبينهما علاقة واضحة، إذ كل منهما على معنى [في] بخلاف [كيف] فإنه لم يستقر فيها الجزم».
٦ - في غير الآية السابقة كانت [أنى] استفهامية بمعنى كيف أو من أين، وهذا بيانها: