في المقتضب ٣: ٣٠٥: «(بل) لا تأتي في الواجب في كلام واحد إلا للإضراب بعد غلط أو نسيان، وهذا منفي عن الله عز وجل، لأن القائل إذا قال: مررت بزيد غالطا فاستدرك، أو ناسيًا فذكر قال: بل عمرو، ليضرب عن ذلك ويثبت ذا. وتقول: عندي عشرة بل خمسة عشر على مثل هذا. فإن أتى بعد كلام سبق من غيره فالخطأ إنما لحق كلام الأول، كما قال الله عز وجل:{وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} فعلم السامع أنهم عنوا الملائكة بما تقدم من قوله: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} وقال: {أم اتخذ ما يخلق بنات} وقال: {ويجعلون لله ما يكرهون}.
وقال:{بل عباد مكرمون}، أي بل هؤلاء الذين ذكرتم أنهم ولد عباد مكرمون. ونظير ذلك أن تقول للرجل: قد جاءك زيد، فيقول: بل عمرو.
وفي البحر ٤: ١٠٣: «(بل) للإضراب والانتقال من شيء من غير إبطال لما سبق، وهكذا تجيء في كتاب الله تعالى، إذا كان ما بعدها من إخبار الله، لا على سبيل الحكاية عن قوم».
وفي المغني ١: ١٠٣: «(بل) حرف إضراب، فإن تلاها جملة كان معنى الإضراب إما الإبطال، نحو:{وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون}، ونحو {أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق}.
وأما الانتقال من غرض إلى آخر، ووهم ابن مالك، إذ زعم في شرح كافيته أنها لا تقع في التنزيل إلا على هذا الوجه. ومثاله:{قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا} ونحو: {ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم