للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ اُلسُّوءِ وَغَضِبَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح: ٥ - ٦]. وقال تعالى: {وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اَللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ (٢١) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ اُلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ اَلْخَاسِرِينَ} [فصلت: ٢١ - ٢٢] فهؤلاء ظنُّوا أنه لا يعلم بعض الجزئيات، فكيف بمن ظنَّ أنه لا علم له، ولا سمع، ولا بصر، ولا تكلم ولا يتكلم، ولا استوى على عرشه، ولا له فعلٌ حقيقةً يدبر به الأمر، ولا له حكمةٌ يفعل ما يفعل لأجلها.

وأولئك جوَّزوا عليه ألَّا ينصر رسوله، وأن يجعل (١) الدائرة عليه وعلى المؤمنين، ومنكرو الحكمة والتعليل يُجوِّزون عليه أن يُعذب أنبياءه ورسله. قالوا: ولا نعلم تنزيهه عن ذلك بالعقل، وإنما نعلمه بالخبر.

ومن أعظم ظنِّ السوء به وبكتابه أن يُظنَّ أن العقل الصريح مخالفٌ له، وأي نقصٍ وعيبٍ أبلغ من نقص كلامٍ مخالفٍ لصريح المعقول؟ وأي إساءة ظنٍّ أعظم من هذه الإساءة؟ يوضحه:

الوجه الخامس والثمانون بعد المائة: أن هذا نسبة له إلى كونه كذبًا في نفسه، فإنه إذا خالف صريح العقل لم يكن مطابقًا لمُخْبَره، فيكون المتكلم به قد أخبر بخبرٍ لم يطابق مُخْبَره، وهذا حقيقة الكذب، بل هو من أقبح الكذب؛ فإن الكذب نوعان:

أحدهما: كذبٌ يجوز أن يكون متعلقه واقعًا [ق ١١٠ ب] كمن يقول: مات فلان، أو تزوج، أو وُلد له؛ ولم يكن ذلك.


(١) «ح»: «جعل».