للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الرابع والأربعون بعد المائة: أن يقال لهذه الفرقة المعارضة بين النقل والعقل: أتدَّعون هذه المعارضة بين العقل وجميع النقل أو بعضه؟

والأول لا يقوله مسلمٌ، بل ولا عاقلٌ ولا أحد من بني آدم، فلا حاجة إلى الكلام على تقريره.

وإذا ادَّعيتم أن التعارض واقعٌ بين العقل وبين بعض المنقول، قيل لكم: المنقول أنواع متعددة:

نوعٌ يتعلق بالأمر والنهي والإباحة.

ونوعٌ يتعلق بمبدأ الخليقة وتخليق العالم ومادته ومبدئه.

ونوعٌ يتعلق بالمعاد وحشر الأجساد وطي العالم وخرابه وإنشاء الخلق نشأةً أخرى.

ونوعٌ يتعلق بالإخبار عن الأمم السالفة والقرون الماضية وأحوالهم وما أصابهم من نعمة ونقمة.

ونوعٌ يتعلق بالإخبار عن عجائب المخلوقات وبدائع الآيات في الأرض والسماء.

ونوعٌ يتعلق بأسماء الربِّ وصفاته وأفعاله وما يجب له ويمتنع عليه.

فأي هذه الأنواع تدَّعون معارضة العقل لها حتى يقع الكلام معكم فيه؟

ومعلومٌ أنه ما من نوعٍ من هذه الأنواع إلَّا وقد عارضه طائفةٌ من شياطين الإنس بآرائهم وعقولهم. وقد قدَّمنا معارضة شيخ القوم (١) للأمر بمعقوله،


(١) يعني: إبليس لعنه الله.