للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّانية: بيان أن ما يُقدَّر من الاحتمالات المعارضة لظاهره وحقيقته باطلٌ لغةً.

الثَّالثة: بيان أن ما يُدَّعى أنه معارض لذلك من العقل فهو باطلٌ.

الرَّابعة: بيان أن العقل موافقٌ له معاضدٌ، لا معارضٌ مناقضٌ.

{فَأَيُّ اُلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: ٨٣].

الوجه الخامس والستون: أن هؤلاء المعارضين بين العقل والنقل قد فارقوا العقل والنقل، فلا عقل ولا نقل، وهم الذين يقولون: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ اِلسَّعِيرِ} [الملك: ١١].

أمَّا النقل فإنهم قد سمحوا بمفارقته، وهان عليهم أمره.

وأمَّا العقل فلو تدبروا أقوالهم ومعقولهم الذي عارضوا به النقل لاستحيوا من أهل العقل الذين هم أهله. فإن هؤلاء يجعلون الاثنين واحدًا والواحد اثنين، والمستحيل واجبًا والواجب ممتنعًا، والكلي جزءًا من المعين الجزئي، والمعدوم موجودًا والموجود معدومًا، والثَّابت منتفيًا والمنتفي ثابتًا، ويفرِّقون بين الشيء ونظيره في الحكم، ويحملون على الشيء بحكم ضده ونقيضه، وينفون (١) النقيضين تارةً، ويثبتونهما تارةً، ويثبتون الشيء وينفون لازمه البيِّن [اللزوم، وينفون اللازم] (٢) ويثبتون ملزومه.

فيجعلون الصفة هي عين الصفة الأخرى، ثم يجعلونها هي نفس الموصوف، كما يقولون: العلم هو القدرة، والقدرة هي الإرادة، والسمع هو


(١) «ح»: «يعرفون». والمثبت هو الصواب.
(٢) «ح»: «للزوم اللام». والمثبت ما يقتضيه السياق.