للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه السبعون: أن حاصل كلام أرباب القانون يدور على ثلاث مقدِّمات:

الأولى: أن العلم بمراد المتكلم موقوفٌ على حصول العلم بما يدل على مراده.

الثَّانية: أنه لا سبيل إلى العلم بمراده إلَّا بانتفاء هذه الأمور العشرة.

الثَّالثة: [ق ٤٢ ب] أنه لا سبيل إلى العلم بانتفائها.

فهذه ثلاث مقدمات، الأولى منها صادقة، والأُخريان (١) كاذبتان.

أمَّا المقدمة الأولى فصحيحةٌ، والعلم بمراد المتكلم كثيرًا ما يكون علمًا اضطراريًّا، كالعلم بمخبر الأخبار المتواترة، فإن الإنسان إذا سمع مخبرًا يُخبر بأمرٍ حصل عنده ظنٌّ، ثم يقوى بالمخبر الآخر حتى يصير علمًا ضروريًّا، فكذلك إذا سمع كلام المتكلم فقد يعلم مراده ابتداءً بالضرورة وقد يظنُّه، ثم يتكرر كلام المتكلم أو يتكرر سماعه له ولِما يدل على مراده، فيصير علمه بمراده ضروريًّا.

وقد يكون الكلام بالمراد استدلالًا نظريًّا، وحينئذٍ فقد يتوقَّف على مقدِّمة واحدة، وقد يتوقف على مقدمتين أو أكثر بحسَب حاجة السَّامع وما عنده من القوة القريبة والبعيدة، وسرعة إدراكه وبطئه، وقلة تحصيله وكثرته، وحضور ذهنه وغيبته، وكمال بيان المتكلم وضعفه. فدعوى المدَّعي أن كل استدلالٍ بدليلٍ لفظيٍّ فإنه يتوقَّف على عشر مقدمات= فهذا باطلٌ قطعًا.


(١) «ح»: «والأخر».