للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، ولكثرته تركنا ذِكْرَه.

الوجه الحادي عشر: أنَّا لو لم نعلم النزاع في هذه المسألة لم يكن لنا عِلْمٌ بالإجماع المعلوم الذي تكون مخالفته كفرًا أو فسقًا عليها بل ولا ظَنٌّ به، فإنا قد رأينا أكثر هؤلاء الذين يحكون الإجماع إنما يحكونه على حَسَب اطلاعهم، ومعناه عدم العلم بالمخالف، وقد رأيتَ مِن نَقْضِ إجماعاتهم التي حكوها ما هو قليلٌ من كثيرٍ.

فغاية هذه الإجماعات أن تفيدنا عدم علم ناقلها بالخلاف، وهذا بمجرده لا يكون عذرًا للمجتهد في ترك موجَب الدليل، والله أعلم.

فصل

ومن ذلك: نقل من نقل الإجماع على أن المتكلم بالطلاق الثلاث في مرةٍ واحدةٍ يقع به الثلاث، وقال بموجَب عِلْمِه وما بلغه، وإلَّا فالخلاف في هذه المسألة ثابتٌ من وجوهٍ (١):

الوجه الأول: أنه على عهد الصديق إنما كان يُفتى بأنها واحدة، كما روى مسلم في «صحيحه» (٢) أن أبا الصهباء قال لعبد الله بن عباسٍ (٣): ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر مَن طَلَّقَ ثلاثًا جُعلت واحدة؟! قال: نعم ... » وذكر الحديث. ومَن تتبع ألفاظه


(١) في حاشية «ب» تعليق طويل لبيان هذه المسألة، يظهر أنه نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية بتصرُّف يسير، وهو في «جامع المسائل» (١/ ٣٥٧).
(٢) «صحيح مسلم» (١٤٧٢).
(٣) «ح»: «عامر».